الكابتن / يحيى يحيى طـــه Admin
المساهمات : 2600 تاريخ التسجيل : 24/04/2008
| موضوع: قواعد في الرزق 1 الإثنين ديسمبر 06, 2010 4:56 pm | |
| قواعد في الرزق الحسن على ضوء قصة شعيبإن المتأمل في واقعنا اليوم يرى انفتاح المعاملات المالية بشكل عجيب ، فتكاد في كل يوم تستحدث طريقة أو عدة طرق لجلب المال و الاستثمار ، دون أن يرجع بعضها إلى أساس شرعي ، أو إلى من يبحث في شرعيتها و يحدد حكمها و ضوابطها ، و ما ذاك إلا للنهم و الشره في جمع المال و تحصيله ، بغض النظر عن تحريمه أو تحليله ، مما جعل للمال سلطاناً في حياة الناس يحدد مسارها و علاقاتها ، فأصبحت الآيات و الأحاديث بمعزل عن كثير من هذه المعاملات ، كما أن كلمات الأولين في الحث على طيب المطعم ، و طلب الحلال ، قد غابت عن أذهان الكثير ، مما يستدعي جهوداً جبارة ، لإعادة النصوص الشرعية إلى الساحة بقوة ، و الوقوف في وجه هذا الغثاء ، الذي تولد من تبعية مقيتة للحضارة الرأسمالية الموبوءة و لعل في قصة نبي الله شعيب – عليه السلام -قواعد كلية ، و تجارب ناضجة ، و نماذج خيرة ، و طريقة موفقة و مسددة للاهتمام بالرزق الحسن ، كما تضمنت التحذير من النماذج السيئة ، و الطرق الملتوية لجمع المال ، فرسم في دعوته عليه السلام للدعاة منهجاً قويما ، إذ نجد في دعوته لقومه تحذير و إنذار ، و ترغيب و ترهيب ، منع من الظلم ، وحث على حتمية العدل ، كما ذكر في دعوته لهم صوراً حية ، من هذه المعاملات التي ينبغي عليهم تركها بالكلية ، ثم حذر من عواقب الاستمرار في هذا الطريق الملوث ، بأنه فساد في الأرض بكل ما تعنيه هذه الكلمة من حقـائق و دلالات ، و لعل هذا الجهد الجبار ، من نبي الله شعيب في إصلاح هذا الخلل ، و محاولاته الحثيثة لإعادة التوازن المالي في المجتمع ، و الوقوف في وجه الفساد بالمبادئ و القيم الأصيلة ، لدلالة واضحة على أهمية الجانب الاقتصادي في حياة الناس ، و أي انحراف في هذا الجانب لهو نذير شر على المجتمع بأسره ، إذا لم يؤخذ على أيدي المفسدين ، فتضمنت دعوته لقومه الحث على طلب الرزق الحسن من خلال القواعد التالية : أولاً :العدل . و هذا أساس في المعاملات المالية و غيرها ،عند تعامل الخلق مع بعضهم البعض ، فلا يجوز لأحد مهما كان ، بأن يخل بهذا الأساس المتين ،أو يتنكر له، و لو كان تعامله مع ظالم أو كافر ، و من نصيحة نبي الله شعيب - عليه السلام - لقومه ، أن أمرهم بالعدل ،فيتحقق لهم بذلك الربح و عدم الظلم ، كما أن العدل نقطة وسط ، أي أنه قريب منهم ليس شاقاً العمل به ، كما أن التعامل به ليس به أي خسارة كما يتوهمون ، و هذه الحقيقة لا بد أن يعيها الاقتصاديون جيدا ، إذ إن العدل يحقق الطمأنينة في المجتمع ، وينشر الثقة و الراحة بين أفراده ،و يربح بالتعامل به جميع الأطراف ، دون ظلم أو حيف ، فنهاهم أولاً عن الظلم ، ثم أمرهم بالعدل ، و هذا يشمل الموظف في وظيفته ، و التاجر في حانوته ، و العامل في مصنعه ، فلا ينقص الحقوق الواجبة عليه للآخرين ، أو يفرط فيها ، أو يأخذ ما ليس له. ثانياً : البركة. و حيث أن القصة تناولت الفساد الاقتصادي في حياة الناس ، فقد تم التركيز على البركة في المال ، حيث أنها سر المال و جوهره ، و ذلك من خلال ثلاث جوانب : ا- التعامل مع الله عز وجل : و أن الشأن هو بركة الله في المال و الربح ، و ليس الشأن كثرته ، و ذلك بقوله كما حكى الله عنه ( بقية الله خير لكم..) قال القرطبي –رحمه الله – في تفسير هذه الآية " أي ما يبقيه الله لكم بعد إيفاء الحقوق بالقسط أكثر بركة، وأحمد عاقبة مما تبقونه أنتم لأنفسكم من فضل التطفيف بالتجبر والظلم؛ قال معناه الطبري، وغيره " و هذا معنى عجيب، و جانب مهم حين التعامل مع المال ، ، إذ المعتبر البركة و ليس الكثرة ، و غياب هذا المعنى الأصيل ، أو انعكاسه يسبب مشاكل و مخالفات كثيرة ، لعل منها ما نلاحظه من شكوى الكثير ، من قلة بركة رواتبهم و نفادها بشكل سريع ، و ذلك بسبب تعاملنا مع هذه الرواتب بشكل مادي جامد ، دون أن يكون هناك توكل و اعتماد و ثقة بالله تعالى و دعاء و لجأ إليه بأن يبارك فيها. ب- الاستشهاد بالواقع و ذلك عند قوله لقومه ( و اذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم..) و قد ذكر المفسرون في هذا التكثير أقوالاً جمعها القرطبي – رحمه الله - بقوله " وقيل: المراد مجموع الأقوال الأربعة فإنه تعالى كثّر عددهم وأرزاقهم وطوّل أعمارهم وأعزّهم بعد أن كانوا على مقابلاتها." فالتكثير و البركة من عند الله عز و جل فكما كثر أعدادكم و أرزاقكم و طول أعماركم فهو أيضا يبارك في الربح الذي تربحونه عندما تعاملون الناس بالعدل فهو بذلك ضرب لهم مثلاً من حياتهم وواقعهم لعلهم يستوعبون هذه الحقيقة الصارخة | |
|