الكابتن / يحيى يحيى طـــه Admin
المساهمات : 2600 تاريخ التسجيل : 24/04/2008
| موضوع: ماهـو القرآن الكريــم 2 الجمعة ديسمبر 03, 2010 6:49 pm | |
| الحالة الثانية : أن يتمثل له الملك رجلا ويأتيه في صورة بشر ، وهذه الحالة أخف من سابقتها ، حيث يكون التناسب بين المتكلم والسامع ، ويأنس رسول النبوة عند سماعه من رسول الوحي ، ويطمئن إليه اطمئنان الإنسان لأخيه الإنسان . وكلتا الحالتين مذكورة في سؤال الحارث بن هشام رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : « يا رسول الله ، كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس ، وهو أشد علي ، فينفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول . » الوحي بغير واسطة : من ذلك : 1 ـ الرؤيا الصالحة في المنام : فعن عائشة رضي الله عنها قالت : « أول ما بدئ به الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح » أي في قوة ودقة تحققها وتصديقها . وكان ذلك تهيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينزل عليه الوحي يقظة لكن ليس في القرآن شيء من هذا النوع لأنه نزل جميعه يقظة . ومما يدل على أن الرؤيا الصالحة للأنبياء في المنام وحي يجب إتباعه ما جاء في قصة إبراهيم الخليل عليه السلام من رؤيا ذبحه لابنه ، وقد حكى الله قصته في قوله : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ }{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }{ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ }{ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ }{ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }{ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ }{ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ }{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ }{ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ }{ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }{ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ } ولو لم تكن هذه الرؤيا وحيا يجب إتباعه لما أقدم إبراهيم عليه السلام على ذبح ولده لولا أن منّ الله عليه بالفداء . والرؤيا الصالحة ليست خاصة بالرسل فهي باقية للمؤمنين وإن لم تكن وحيًا ، كما جاء في الحديث : « لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا » . 2- الكلام الإلهي من وراء حجاب يقظة بدون واسطة : وهذا ثابت لنبي الله موسى عليه السلام قال تعالى : { وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } وقال : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } كما ثبت التكليم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج حين عرج به إلى السماء وكلمه ربه , وأنواع الوحي المتقدمة ذكرها الله تعالى في مثل قوله : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} . حفظ القرآن الكريم وسلامته من التحريف : أنزل الله تعالى كتابه القرآن ليكون الكتاب المهيمن ، والرسالة الخاتمة ، والشريعة الباقية ، مما يتطلب رعايته عن عبث العابثين ، وتحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وقد اتفق له ذلك منذ اللحظة الأولى لنزوله وحتى يومنا هذا ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لا زيادة فيه ولا نقصا ، وقد ورد إلينا متواترا بنقل الكافة [ الجمع الكبير من الناس الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب ] التي لا تقع تحت عد ولا حصر عن مثلها حفظا وكتابة ، ولم يختلف في عصر من العصور في سورة ، ولا آية ، ولا في كلمة ، بل كثير من هؤلاء النقلة لا يحسن العربية لكنه يقرأ القرآن كما أنزل . وقد ضمن الله تعالى لكتابه السلامة من التحريف ، كما في قوله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } وقوله تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } وهذا يقتضي حفظ عينه وهيئته التي نزل عليها . وقد أقر بهذا كل من بحث في أمر القرآن من المسلمين وغيرهم. وللحفظ وجوه عدة ووسائل متنوعة : أولا : حفظ القرآن في عهد النبوة : وتم ذلك بوسائل متنوعة منها : 1- الطريقة التي كان ينزل بها الوحي : وهي أن ينزل على هيئة تكون أدعى إلى حفظه وضبطه ، فقد سئل الرسول عن كيفية نزول الوحي إليه فقال : « أحيانا يأتيني مثل صلصة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني ، فأعي ما يقول » . 2- مدارسة الملك النبي القرآن : وكان ذلك في رمضان من كل سنة ، يأتيه جبريل في كل ليلة من ليالي رمضان يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، وقد عرض عليه القرآن مرتين في العام الذي قبض فيه . كل هذا حرصا على حفظه ومراعاة لصحة لفظه . 3- كتابة الوحي ومقابلته : فقد اتخذ الرسول إلى جانب ذلك كُتّابا يكتبون له الوحي أولا بأول ، ويراجع ذلك هو بنفسه ، حتى يطمئن إلى صحة ما كتب . 4- قصر الكتابة على القرآن : وذلك في بادئ الأمر ، حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كتابة غير القرآن كالحديث والتفسير لئلا يختلط القرآن بغيره ، فكان يمنع أصحابه أن يكتبوا عنه شيئا غير القرآن ، فلما اطمأن إلى رسوخ القرآن وسلامته من الاختلاط بغيره ، أذن لهم في الكتابة . 5- الحض على تعلم القرآن وتعليمه : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على تعلم القرآن وتعليمه ، وحفظه وتحفيظه ، ويقدم أكثرهم أخذا للقرآن في إمامة الصلوات ، وقيادة الجيوش . بل الحاجة داعية لحفظه فهو الكتاب المفروضة قراءته في الصلوات ، وتنفيذ أحكامه وآدابه في ضروب الحياة . 6- قوة الحافظة التي عند العرب : كان العرب يتمتعون بحافظة لا يكاد يعزب عنها شيء ، خاصة وأن القرآن جاء في براعة من الأسلوب ، ورفعة من البيان مما يجعله أحرى لحفظه ، والاهتمام به ، حتى كثر آخذوه : صدرا وسطرا ، فحفظه الكبير والصغير ، والرجل والمرأة ، والحضري والبدوي . ثانيًا : حفظ القرآن في عهد الصحابة رضي الله عنهم : تعاهد الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كتاب ربهم وديوان شريعتهم بالحفظ والعناية ، وتجلى ذلك عبر حادثتين عظيمتين : الأولى : في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين كثر موت حفظة القرآن بسبب الحروب ، فخشي هو ونفر من كبار الصحابة ذهاب القرآن بموت حفظته ، فأمر بجمع القرآن وذلك بجمع كل ما كتب عليه من الأخشاب والجلود ونحوها من وسائل الحفظ آنذاك ، وكذلك ما كان محفوظا في صدور الرجال ، وتم جمع القرآن جميعه مكتوبا في مكان واحد يشرف عليه الخليفة وخلفاؤه من بعده . الثانية : في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث كان القرآن - إلى ذلك الحين - يقرأ على لغات العرب توسعة من الله لهم ، فلما أدى هذا الاختلاف في اللغات إلى التنازع والاختلاف بين المسلمين جمع الخليفة المسلمين على لغة واحدة هي لغة قريش أم قبائل العرب ، ونسخ من ذلك عدة مصاحف عمّمها على الأقاليم والأمصار . المصاحف المكتوبة في عهد عثمان رضي الله عنه : أكد بعض المستشرقين رؤية بعض العلماء القدامى للمصاحف العثمانية أو لسور منها في أمصار إسلامية معينة ، وفي طليعة هؤلاء كواترمير كما أشار إلى ذلك كل من برجشترا وبرتزل في دراستهما لتاريخ النص القرآني وأن الرحالة المشهور ابن بطوطة رأى بنفسه تلك المصاحف التي يظن أنها عثمانية ، أو بعض صحائف منها فقط في غرناطة ومراكش والبصرة وبعض المدن الأخرى خلال رحلاته الكثيرة ومن المعروف أن ابن كثير الدمشقي - من علماء القرن الثامن الهجري - قد رأى مصحف الشام . وشاركه في هذا ابن الجزري وابن فضل الله العمري . ويميل بعض الباحثين إلى أن المصحف أمسى زمنا ما في حوزة القياصرة الروس في دار الكتب في لينيجراد ، ثم نقل إلى إنجلترا ، بينما يرى آخرون أنه بقي في مسجد دمشق حتى احترق فيه سنة ألف وثلاثمائة وعشرة . والذي يعلم علم اليقين ، ويعلمه كل باحث منصف أن كتابا غير القرآن لم يحظ بالعناية التي أحيط بها ولم يصل غيره بالتواتر كما وصل ، فجاء - كما قال شفالي : " أكمل وأدق مما يتوقعه أي إنسان " . ولا غرو فهو كتاب الله الذي قال فيه : { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } . وقد ظل القرآن محفوظا في الصدور حتى الساعة ، وإلى قيام الساعة . | |
|