فإن الله تعالى لا ينسى أحدا من خلقه
خاصة إذا كان في منزلة زينب بنت خزيمة حيث ضربت أروع مثل في الصبر و التحمل كما كانت جوادة كريمة تنفق على الفقراء و المساكين حتى أطلق عليها الناس لقب ” أم المساكين “
و أمر الله الرسول عليه الصلاة و السلام أن يضم هذه المرأة المؤمنة الصابرة إلى نسائه
تكريما لها و مكافأة على صبرها و طيبة قلبها
و بسبب حبها لله و رسوله و حبها للمساكين
و لم تصدق زينب بنت خزيمة نفسها حين علمت بهذا الخبر
فقد خرجت من الوحدة والوحشة
إلى رحاب واسعة و صارت زوجة الرسول عليه الصلاة و السلام و أصبحت أما للمسلمين
و على الرغم من أن السيدة زينب بنت خزيمة لم تكن ذات جمال فإن الرسول عليه الصلاة و السلام ضمها إلى نسائه و رفع بذلك مكانتها و منزلتها و هذا دليل على عظمة هذا الرسول عليه الصلاة و السلام و إنسانيته حيث كان الدافع له في الزواج من زينب بنت خزيمة هو الشفقة عليها و الخوف عليها من الضياع و رفع مكانتها بعد أن ضربت المثل في الصبر و الوفاء و من قبلها ضرب زوجها أروع مثل في البطولة و الفداء .
و كان زواج الرسول عليه الصلاة و السلام منها في السنة الرابعة للهجرة بعد زواجه عليه الصلاة و السلام من حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم .
و تحدث الناس بإعجاب عن الرسول عليه الصلاة و السلام و عن زواجه من السيدة زينب بنت خزيمة ووجدوا فيه دليلا على شفقة الرسول عليه الصلاة و السلام و رحمته .
و في كتابات المستشرقين عن الرسول عليه الصلاة و السلام إشارة إلى أن هذا الزواج الإنساني تم بدافع الشفقة
قال ” بودلي ” في كتابه ” الرسول ” :
تبع زواج محمد عليه الصلاة و السلام من حفصة زواج آخر و كان زواجا شكليا أكثر من أي شيء آخر كانت العروس أرملة عبيدة بن الحارث ابن عم لمحمد عليه الصلاة و السلام
استشهد في بدر و كان اسمها زينب بنت خزيمة
و ما ضمها محمد عليه الصلاة و السلام إلى نسائه إلا بدافع الشفقة ” و لم يطل المقام بزينب بنت خزيمة في بيت الرسول صلي الله عليه وسلم فبعد بضعة أشهر انتقلت السيدة زينب بنت خزيمة إلى جوار ربها و كان عمرها ثلاثين عاما .
و على الرغم من قصر المدة التي قضتها في بيت النبوة فقد تركت آثرا طيبا عند عامة المسلمين فلا يذكرها أحد ألا بكل خير و اجتمعت كتب السيرة على أنها كانت كثيرة الصيام كثيرة القيام .
ففي سيرة أبن هشام :
” و كانت زينب بنت خزيمة تسمي أم المساكين لرحمتها إياهم و رقتها عليهم “
و عن الزهري :
” تزوج النبي عليه الصلاة و السلام زينب بنت خزيمة و هي أم المساكين سميت بذلك لكثرة إطعامها المساكين “
فقد أجمع الرواة على وصفها بالطيبة و الكرم و العطف على الفقراء .
و لم تكن زينب بنت خزيمة ذات جمال و بهاء و إنما كان يكفيها أنها مؤمنة صادقة في أيمانها صوامة قوامة تنفق بالليل و النهار و تتصدق على الفقراء و المساكين و المحتاجين أنعم الله عليها بالفضل بالزواج من نبي الله صلى الله عليه وسلم و صارت أما للمسلمين و في هذا ما يؤكد على عظمة أخلاق النبي عليه الصلاة و السلام .
لقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم مثالا لعظمة الأخلاق و مثالا للرحمة و الشفقة
قال عنه تعالى بسورة القلم : ” وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) “
و قال تعالى بسورة التوبة : ” لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) “
و لذلك فقد كانت أخلاقه صلي الله عليه وسلم عظيمة و مواقفه نبيلة و رحمته بالمسلمين و بالناس جميعا واسعة لا حد لها و يكفى أن نتأمل في زواجه من زينب بنت خزيمة و سوده بنت زمعة و حفصة بنت عمر رضي الله عنه لنعلم انه صلي الله عليه وسلم كان لا يسعى إلى حاجة معينة بقدر ما كان يحرص على الالتزام بوحي الله و تأليف قلوب أعدائه و رفع مكانة هؤلاء إلى مرتبة أمهات المؤمنين نظرا لما قمن به من تضحيات و أعمال عظيمة في سبيل الله و رسوله
رحم الله زينب بنت خزيمة التي مرت في حياة النبي صلي الله عليه وسلم مرورا سريعا و إن كان التاريخ قد خلد ذكرها فهي أم المؤمنين و أطلق عليها الناس لقب ” أم المساكين “
المصدر
نساء مسلمات الجزء العاشر زينب بنت خزيمة