خاتمة الدنيا الموت :
***************
الحياة والموت متناقضان تناقض النور والظلام والبرودة والحرارة ، ولذا فإن معاجم اللغة العربية
تعرف كل واحد منهما بأنه نقيض الآخر ، فقالوا عن الموت : هــو السكون ، وكل ماسكن فقد مات . تقول : ماتت النار ، إذا برد رمادها . وماتت الريح إذا ركدت وسكنت . والحياة الإنسانية تتحقق بنفخ الروح في جسد الجنين في رحم أمه . والموت يتحقق بانقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولة بينهما ، وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار .
فالموت هـو مفارقة الروح للجسد وتعطل الجوارح عن العمل ، ومفارقة الأهل والجيران والمجتمع ، وهـو الانتقال من القصور إلى القبور ، ومفارقة الحركة إلى السكون والانتقال من الدنيا إلى الآخرة ، وترك الطعام والشراب والكساء ، والانتقال من ظاهر الأرض إلى باطنها وترك الدنيا إلى دار البرزخ .
والموت حتماً لازم لا مناص منه ولا مهرب منه ، بل هـو كائن لكل حي من المخلوقات
قال تعالى : [ كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ] [ القصص : 88 ] ،
وقال تعالى : [ كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ]
[ الرحمن : 26 ، 27 ] ، وقال تعالى : [ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ]
[ آل عمران : 185 ] .
ولو نجا أحد من الموت لنجا منه خيرة الله من خلقه صلى الله عليه وسلم قال تعالى له :
[ إنك ميت وإنهم ميتون [ [ الزمر : 30 ] ، وقد واسى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن الموت سنته في خلقه قال تعالى : [ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن متفهم الخالدون ] [ الأنبياء : 34 ] فالموت يجري على الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والحر والعبد ، والراعي والرعية لا يقرع باباً ولا يهاب حجاباً ، ولا يقبل بديلاً ولا يأخذ كفيلاً ، ولا يرحم صغيراً ولا يوقر كبيرا ...