[عظة الموت
كما بدأكم تعودون !
لابد من الموت ، لأنه خروج من مكان يستحيل البقاء وانتقال إلى دار يحاسب فيها القهار ، وبعدها ينتهي الإنسان من الحساب لتقاس الأشياء بموازين طبيعية ، لايخيب عندها الحق ، ولايساند عندها الباطل ، فالحق حق ... والباطل باطل .
لابد من الموت ، لأنه رجوع إلى الأصل الذي خلق منه الإنسان فكما خلقه من تراب ، لابد وأن يكون تراباً لتتذكر النفوس الظالمة حالها حين ظلمها ، والمضطربة حين اضطرابها ، والمفسدة حين إفسادها ــ أن مآلها إلى تراب .
خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هــذه الأجساد
فربما تخشع يوماً ، أو تتعظ ساعة ، فينصلح حال الدنيا . ويكون هناك أهـل حق وأهـل باطل ، وتسير في حالة لايستقيم عندها الحق كله ، ولايؤدي بها إلى الهلاك بل الموت بصيرة أمام البشر ، يودعون واحداً منهم ، فيرون التراب والعظام والعظام والدود واللحود ... ولولا ذلك لما استقام بشر على طريق سوي ، فالنهاية معلومة ووقتها يبدأ الإصلاح فلا يستقر حال بني البشر .
لابد من الموت ، لأنه إظهار لقدرة الله ، وبرهان على البعث ، ودليل متيقن على الوقوف أمام الله رب العالمين ، فكيف يسير العالم منذ خلق والناس يتساقطون كل يوم ، بل كل لحظة ؟ وكيف يحاسب أولئك جميعاً أمام رب العالمين ؟ . وكيف يتأكد الناس من أن ظالماً لن يعيث في الأرض الفساد طويلاً ؟ .
إن الموت دليل لهم على حياتهم الباقية التي أرادها لهم رب البرية بمقاييس معلومة ، وموازين سديدة محكمة ، فخالق الموت جدير وقدير على محاسبة الناس جميعاً . وهـذا الظالم لن يبقى على الأرض طويلاً مادام البشر يموتون ، والمطمئن لقلوبهم أن الموت غير معلوم إذن ... فالموت لابد منه ليتعظ الناس ..[