إيران تختار التحدي..والغرب يتجنب الخيار العسكري
نجاد يتعهد بعدم التراجع عن المشروع النووي
عواصم عالمية- وكالات الأنباء- فيينا- مصطفي عبد الله- باريس- نجاة عبد النعيم:
فشلت طبول الحرب التي علت دقاتها خلال الأيام الماضية بسبب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول إيران في إرهاب طهران أو إثنائها عن تحديها المتواصل للغرب
نجاد :
فيما خفتت نذر الحرب التي أطلقتها الدول الكبرى والتي يبدو أنها فضلت التصعيد بعيدا عن العنف العسكري, مكتفية بتصعيد تهديداتها بفرض عقوبات لم يسبق لها مثيل علي طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.
ففي طهران, صعد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من تحديه ولهجته العنيفة مع الغرب, محذرا من أن بلاده لن تتراجع قيد أنملة عن الطريق الذي تسير فيه, واصفا تقرير الوكالة الدولية- الذي يبرز المخاوف من أن طهران تعمل علي تصميم قنبلة ذرية- بأنه يستند إلي معلومات أمريكية باطلة. وتساءل نجاد- في كلمة بثها التليفزيون الرسمي- قائلا لماذا تلحقون الضرر بسمعة الوكالة.. بسبب مزاعم أمريكا الباطلة؟
يأتي ذلك في الوقت الذي وصف فيه مندوب إيران الدائم لدي الوكالة الدولية علي أصغر سلطانية التقرير الصادر بشأن برنامج طهران النووي بـالخطأ التاريخي.
واتهم سلطانية الوكالة بعدم الالتزام بالنهج المهني في تقريرها الأخير بشأن طهران, مضيفا أنه لا يحق للوكالة أو مديرها نشر معلومات كاذبة عن أي دولة من الدول الأعضاء بها, ومؤكدا أن التقرير الأخير للوكالة يكرر الاتهامات القديمة التي تم توجيهها لإيران والتي أثبتت طهران أنها ملفقة في رد لها مكون من117 صفحة تم تقديمه إلي الوكالة قبل أربع سنوات.
وفي تصعيد من نوع غريب, أكد قائد سلاح البحرية الإيرانية الأدميرال حبيب الله سياري أن بلاده لها الحق بموجب القانون الدولي في نشر سفن بالقرب من المياه الإقليمية الأمريكية.
وقال سياري إن القانون الدولي يسمح لجميع الدول بنشر سفنها الحربية في البحار المفتوحة, مشيرا إلي أن القوات البحرية الإيرانية مسموح لها أيضا بالإبحار في هذه المياه.
ويتزامن التحدي الإيراني الصريح للتهديدات الدولية مع ردود أفعال عالمية مخففة اتسمت بالتعقل بعيدة عن التصعيد العسكري, فقد أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن إدارة الرئيس باراك أوباما تواجه حاليا مشكلة حول كيفية التعامل مع تقرير الوكالة الدولية في وقت أصبحت فيه الخيارات أمامها أكثر محدودية عن ذي قبل, وهو ما ينعكس في تردد البيت الأبيض في إذكاء وقود حرب الكلمات, بما في ذلك المناقشات العلنية حول إمكانية قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران كضربة وقائية, وأيضا في انتهاج استراتيجية حذرة تعطي الفرصة لتقرير الوكالة الدولية لكي يتحدث عن نفسه علي أمل المساعدة في تكثيف الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية علي إيران.
أما الاتحاد الأوروبي فكان موقفه أكثر عنفا, مشيرا إلي أن تقرير الوكالة الدولية يزيد من المخاوف بشأن قدرات إيران النووية, وأكد الاتحاد في بيان رسمي أن أعضاءه سيبحثون التقرير الدولي بشكل مفصل فيما بينهم ومع شركائهم قبل الإعلان عن موقفهم الرسمي من التقرير.
وفي باريس, طالبت فرنسا بضرورة إحالة الملف النووي الإيراني إلي مجلس الأمن الدولي, وفرض عقوبات شديدة لم يسبق لها مثيل علي طهران علي ضوء تقرير الوكالة الدولية.
وقال آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي في مقابلة مع راديو فرنسا الدولي: لقد قررنا التحرك.. الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينبغي عليها أن تدين بشكل صريح تصرفات إيران.. إحالة الأمر لمجلس الأمن الدولي فرض نفسه.
وشدد الوزير الفرنسي علي أن بلاده علي استعداد للتعاون مع المجتمع الدولي لتشديد العقوبات والضغط علي إيران, مشيرا إلي أنه إذا ما رفضت طهران الامتثال لمطالب المجتمع الدولي والتعاون بشكل جدي فنحن علي استعداد لأن نتبنى مع كافة الدول المعنية عقوبات لم يسبق لها مثيل.
وفي موسكو, حذرت قناة روسيا اليوم من مغبة إقدام الولايات المتحدة وإسرائيل علي شن حرب تعوزها المبررات الواضحة علي إيران دون تفكير في العواقب مما قد يعرض حياة ملايين الأشخاص للخطر.
وفي بكين, دعت الصين إلى التوصل إلي حل سلمي للأزمة النووية الإيرانية, وقال هونج لي المتحدث باسم وزارة الخارجية إن الصين ما زالت تدرس التقرير, لكنه حث إيران علي إظهار مرونة وإخلاص, وأضاف في لقاء مع الصحفيين الصين تشجع استخدام الوسائل السلمية لحل المسألة النووية الإيرانية.
وعلي صعيد دول الجوار العربية, زعمت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن موقف العرب الصامت من الصراع القائم حاليا حول شن الحرب علي إيران يعكس التأييد العربي للعمل العسكري ضد طهران, مشيرة إلي أن التأييد العلني لموقف الدولة الصهيونية يعتبر خيانة, إلا أن المخاوف من عواقب إيران النووية تثير الرعب في الشرق الأوسط, مما يدحض أي محاولات لإثناء الغرب عن فكرة الحرب, بحسب تعبير الصحيفة.