ماذا بعد فض الاعتصام؟
تحقيق ـ هبة حسن:
في الفترة الماضية اتفقت ائتلافات الثورة علي ضرورة إنهاء الاعتصامات بميدان التحرير بعد الاستجابة لمطالبهم التي تعبر عن نبض الشارع المصري, خاصة وأن الميادين الأخرى في السويس والإسكندرية وغيرها انفضت فيها الاعتصامات,
لكن تبقي عدد محدود من المعتصمين بميدان التحري يحيط الغموض بانتماءاتهم السياسية الحقيقية بعد أن أعلنت كل التيارات الفصائل المشاركة في الثورة بمختلف اتجاهاتها إنهاء الاعتصام أو تعليقه مؤقتا خلال شهر رمضان حتى لا تتعطل مصالح المواطنين الذين توقفت خطوط المواصلات التي تقلهم من وإلي المناطق المحيطة بالميدان كما تعطلت مصالحهم في مجمع التحرير وأيضا تضرر التجارة وأصحاب الشركات الموجودة في الميدان والشوارع المؤدية إليه أو المتفرعة منه خاصة المرضي المتجهون إلي شارع قصر العيني أو القادمون منه معاناة شديدة لتوقف المرور بالميدان المؤدي إلي المستشفيات التي يعالجون فيها.
كل هذا جعل من الضروري إخلاء الميدان من المعتصمين فلا يعقل أن تعطل قلة مصالح الأغلبية, فثورة25 يناير لم تأت للتضييق علي المواطنين, والاعتصام حق مكفول لكن له أيضا حدود والتزامات اختفت في الأيام القليلة الماضية حتى اضطرت قوات الأمن والشرطة العسكرية إلي إخلائهم في أول أيام شهر رمضان المعظم لفتح الميدان.
بعد إخلائه تمت بزيارة الميدان مستخدمة السيارة بعد فتح الطريق للمرور مرة منذ أشهر لكني اكتشفت أنني انتقلت إلي موقع عسكري أو ثكنة للجند.
ثم التقيت ببعض المواطنين الذين يقفون وراء الأسوار يتفرجون علي مشهد تحرش البلطجية بالقوات وحاول كل منهم أن يفرض رأيه علي الآخر ويتشبث به وكأنه هو الوحيد المحق وتحدتث مع بعض أصحاب الشركات السياحية التي تملأ ميدان التحرير والتي تعدت أكثر من40 شركة, فيقول محمد عدلي صاحب شركة سياحية أن منذ ثورة25 يناير وحتى وقتنا هذا السياحة في انهيار والتي تمثل عصب الاقتصاد الرئيسي لأي دولة فهي مصدر دخل كبير للاقتصاد القومي ولكننا لا نعمل حتى إننا كأصحاب شركات لا تستطع دفع الرواتب للموظفين والعاملين فإننا نقدر خسائرنا منذ بداية الثورة وحتى يومنا هذا لا يقل علي50 ألف جنيه شهريا بخلاف إيجار مقر الشركة لأن شركات السياحة كانت تعتمد علي الأرباح لأن مرتبات الموظفين جزء منها أساسي ويزيد قانونا كل عام20% وباقي المرتب حوافز من أرباح الشركة وبالطبع هذه الأيام الحال متوقف فانخفض الرواتب إلي الربع وجميع العاملين يعيشون بالمديونية, حتى أن الأمر الذي يتقاضونه بدفع لهم من رأس مال الشركات لأننا لا نستطيع تسريح هؤلاء الموظفين فهم مسئولون عن أسرة ولا ندري ماذا نفعل حتى إننا ليس لدينا أي عائد آخر يعوضنا عن الخسارة الفادحة حتى وان كانت وزارة السياحة.
ذلك بالإضافة إلي أننا الآن نخاف أن نذهب إلي مقر عملنا وذلك بسبب كثرة أعداد البلطجية الذين تفرضون علينا جباية في الدخول والخروج وكأن ميدان التحرير تحول إلي دولة يتحكمون في كل شيء بها ومن المواقف الغريبة أنهم قاموا بتشكيل فرقة للتفتيش مكونة من رجال وسيدات حتى أنهم يدخلون إلينا في محل عملنا ويطالبون بالكشف عن الهوية البطاقة الشخصية لكن هذا يثبت أن هؤلاء ليسوا من ثوار25 يناير فنحن هنا منذ بداية الثورة بطبيعة عملنا ووجودنا في الميدان لكن لوجوه اختلفت فالمتظاهرين الذين يحضرون إلي الميدان ويقومون بالمبيت من يوم السبت إلي الخميس مختلفون كل الاختلاف عن ثوار يوم الجمعة وهذا هو الأمر المحير فمن هم هؤلاء؟ ومن وراءهم؟ ومن يدفع لهم من أجل البقاء والتخريب والتشويش؟
ويلتقط أطراف الحديث سامي موريس المسئول المالي لإحدى الشركات السياحية قائلا: أن البلطجية والذين لهم منافع شخصية ملئوا الميدان فنحن نستطيع التميز بين الثوار الحقيقيين وبين المنتفعين والمرتزقة حتى إننا حاولنا في العديد من مرات الاعتصمات التحاور معهم وتبادل المناقشات وإقناعهم بفض المتظاهرات لأن كل هذا ضد مصلحة البلد ويؤدي إلي وقف حال المواطنين البسطاء لكنهم كانوا لا يقبلون أي حوارات ولا حتى الاستماع لأي حديث وكلماتهم المأثورة هي أنتم خونة وعملاء وآخرها اتهامنا بأننا من فلول النظام السابق, نحن لسنا ضد الثورة بل علي العكس تماما نحن ضد البلطجية والتخوين حتى أن الكثيرون صاروا يطلقون علي ثورة25 يناير بثورة الشك لأن الجميع يشككون في بعضم البعض فهل هذا من أخلاق الثورة النظيفة التي أذهلت العالم بأكمله وناد بها رئيس أعظم دولة وهي أمريكا أن تدرس في الكتب والمناهج؟
كما أننا في مثل هذه الأيام تعتبر موسم للشركات السياحية لتنظيم رحلات العمرة والاستعداد لموسم الحج فبعد أن كنا تنتهي من عملنا الساعة الثالثة صباحا أصبحنا الآن لا نعمل أكثر من ساعتين في اليوم بسبب عدم تعامل المواطنين والسائحين معنا بسبب موقع الشركات في ميدان التحرير الذي اعتبره العديد من السائحين ميدان التخويف مما جعل الكثيرون يفرون إلي شركات سياحية أخري في مناطق بعيدة عن الاعتصامات الفضائيات الخاصة وشبكات الإنترنت التي تنقل صور هؤلاء البلطجية الذين لا يمتون بصلة للثوار الذين يتبرؤون ليل نهار من هذه الأفعال ولكننا هنا علي أرض الواقع نري الحقيقة فكل هذا غير صحيح ومضلل للإعلام الخارجي فالشهداء والأبطال الحقيقيون للثورة وذووهم يرفضون الظهور في وسائل الإعلام والتلاعب بهم في سبيل الشهرة ولابد من البحث عن أصل وهوية هؤلاء الوجوه الجديدة التي ظهرت وتسللت إلي ميدان ثورة25 يناير.
و قال عدد من المواطنين نتألم كل يوم علي ما نراه هنا بعد أن انتصرنا بعبور ثورة25 يناير إلي بر الأمان بيوم التنحي في11 فبراير لكننا أصبحنا كل يوم نستيقط علي واقعة لا نعلم عنها أي شيء فنحن نؤيد كل التأييد المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجهاز الشرطة الذين يبذلون كل الجهد والتضحية من اجل أبناء هذا الوطن, وعلي النحو الآخر فإن أهالي منطقة وسط البلد وميدان التحرير حاولوا العديد من المرات النزول إلي الميدان محاولين التعامل مع هؤلاء المتظاهرين وإقناعهم بفض الاعتصام ولكن كل المحاولات باءت بالفشل وذلك بسبب التعصب والتعنت حتى إننا حاولنا منعهم بالقوة من افتراض الميدان ونصب الخيام والمظلات الكبيرة ولكن انتهت بالاشتباكات مما أدي إلي فوضي في الميدان وهجوم الباعة الجائلين علي الميدان وكأنه دولة منفصلة عن باقي الجمهورية.