حيثيات الحكم على "جاسوس الفخ الهندي": المتهم أخطر جواسيس مطلع القرن الواحد والعشرين لتجنيده الشباب وإيهامهم بتوظيفهم بعد تدريبهم ... المخابرات كانت تتبعه وتعاونت مع النائب العام للقبض عليه
طارق عبد الرزاق، المتهم بالتجسس لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي
كتب محمد عبد الرازق ومحمود نصر
أودعت محكمه جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، برئاسة المستشار جمال الدين صفوت رشدي وعضوية المستشارين محمد طه جابر وثروت حماد حيثيات حكمها بمعاقبة طارق عبد الرزاق، المتهم بالتجسس لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي في القضية التي عرفت إعلاميا بـ"جاسوس الفخ الهندي" بالسجن المؤبد 25 عاما حضوريا، وغيابيا لكل من ضابطي الموساد أيدي موشيه وجوزيه ديموف، حيث أوضحت الحيثيات الدور البطولي الذي قام به المستشار الدكتور عبد المجيد محمود والمستشار هشام بدوى المحامى العام الأول لنيابيات أمن الدولة والمستشار طاهر الخولي المحامى العام للنيابات في القبض على الجاسوس وتتبعه بالتعاون مع أجهزة المخابرات المصرية فيما وصفته المحكمة بأخطر جواسيس مطلع القرن الواحد والعشرين .
جاءت الحيثيات في 17 صفحة اعتمد فيها المستشار جمال الدين صفوت على إبراز 5 نقاط أساسية في إصداره الحكم بالسجن المؤبد أولها أن المخابرات المصرية التقطت أول اتصال قام به المتهم طارق عبد الرازق بالمخابرات الإسرائيلية "الموساد" على موقعها أثناء وجوده بدولة الصين في مايو 2007 وقامت بمراقبه جميع تحركاته وما جاء بها، كما قامت المخابرات العامة المصرية بالتعاون مع نيابة أمن الدولة العليا والتي شكلت فريقا خاصا برئاسة المستشار عبد المجيد محمود وبعضوية المستشارين هشام بدوى المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا وطاهر الخولي المحامى العام بذات النيابة، حيث كانت المخابرات تستصدر أذونا من النيابة العامة بالتتبع ولمراقبة الشفرة وكانت المخابرات تعرض التحقيقات على النيابة أولا بأول.
كما قالت المحكمة إن المتهم طارق عبد الرازق عيسى يعد من اخطر جواسيس مطلع القرن الواحد والعشرين فقد أذهل الموساد بنجاحه حتى اعتبروه كفرد منهم و أطلقوا له العنان في تجنيد من يشاء في سوريا ولبنان ومصر واللقاء بهم ومناقشتهم وجمع المعلومات ونجح في ذلك نجاحا كبيرا، حتى إن الموساد كشف له أهم عملائه في سوريا وكلفه بالاتصال به وتسليمه معدات غاية في الخطورة ليمكنه التجسس بهم في سوريا وقام بتدريب أحدهم على الأجهزة المعطاة له وهو ضابط بالمخابرات الحربية السورية والذي كشفت المخابرات المصرية أمره وحوكم في سوريا وقضى بإعدامه ونفذ الحكم فيه، كما جمع معلومات عن الحالة الأمنية في شوارع سوريا ومكونات مطاراتها والحالة الأمنية فيها وأرسلها للموساد.
وأشارت الحيثيات إلى أن المتهم عندما حضر لمصر لتجنيد الشباب بها ونجح في خداع البعض منهم من راغبي العمل في الخارج وأوهمهم بوظائف وهم لا يعلمون بماهية هذه الوظائف وسجل المعلومات عنهم في جهاز الحاسب الآلي الخاص به والمعطى له من المخابرات الإسرائيلية، كما حاول تجنيد أولاد ضباط القوات المسلحة الذي كان يدربهم على رياضة الكونغ فو إلا أنهم شكوا فيه ورفضوا التعامل معه وبإذن من المخابرات المصرية توجهت قوة إلى مطار القاهرة الدولي بصحبة المستشار طاهر الخولي وألقى القبض عليه ومصادرة جهازه قبل أن يعود إلى دولة الصين وإعطاء الموساد المعلومات التي جمعها.
كما أكدت المحكمة في حيثياتها أن المتهم طارق عبد الرازق ذهب بالفعل إلى إسرائيل ولكنه قام بنزع 4 صفحات من جواز السفر الخاص به حتى لا يعرف بذهابه إلا أن المخابرات المصرية كانت تتتبعه منذ البداية وكانت على علم بكل تحركاته.
وأشار المستشار إلى أن المحكمة لا يسعها في النهاية إلا أن تطبق القانون على من تثبت إدانته بأفعال السعي والتخابر لدى دولة أجنبية تحالف المتهم طارق عبد العزيز، وكانت المحكمة قد قررت سرية الجلسات حفاظا على أمن مصر القومي وأمن دولة عربية شقيقه سعى إلى تجنيد عملاء فيها أمدوه بأسرار لا يمكن للعدو أن يصل إليها.
وأشارت المحكمة أيضا إلى أن المعلومات التي جمعها الجاسوس كانت خطيرة ودقيقه جدا تضر بالأمن القومي والوطني ومن شأنها التأثير على العلاقات بين الدول العربية المختلفة، بل وقطع العلاقات بها إلا أنها معلومات سرية استثنتها المحكمة من حيثياتها، حيث لا يجوز الإعلان عنها .
بالإضافة إلى أن المحكمة أصدرت حكمها على المتهم بالسجن المؤبد وذلك لأن مواد الاتهام التي أحيل بها المتهم بالتجسس لا تسمح إلا بالحكم علية بالسجن المؤبد ولا تعطيه حكم الإعدام إلا في حالة الحرب أو في حالة تصوير المعدات العسكرية والتي في تلك الحالة تحيله لمحكمة عسكرية وأصدرت حكمها عليه بالإعدام مثل الضابط السوري.
كان النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود أحال المتهمين لمحكمة أمن الدولة العليا بتهمة التخابر لصالح إسرائيل وكشف المستشار هشام بدوى المحامى العام الأول لنيابة أمن الدولة أن المتهم المصري تخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد واتفق مع الإسرائيليين للعمل لصالح "الموساد" الإسرائيلي وإمداده بتقارير عن مصريين يعملون بمجال الاتصالات لانتقاء من يصلح منهم للتعامل مع المخابرات الإسرائيلية.
واتهمت النيابة عبد الرازق بالقيام بعمل عدائي ضد دولة أخرى بالمنطقة وهو عمل من شأنه تعريض الدولة المصرية لخطر قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية معها نتيجة اتصاله مع سوريين ولبنانيين لانتقاء من يصلح منهم للعمل مع الموساد ونقل معلومات من أحد الجواسيس الإسرائيليين في سوريا لصالح إسرائيل، وقال النائب العام إن المتهم المصري قام بكل هذه الأعمال التخابرية مقابل حصوله على 37 ألف دولار.
وكشفت التحقيقات أن هيئة الأمن القومي أبلغت عن أن المتهم طارق عبد الرازق حسين مدرب الكونغ فو سافر إلى الصين في غضون 2006 للبحث عن عمل وأثناء تواجده بها بادر من تلقاء نفسه بداية عام 2007 بإرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني لموقع جهاز المخابرات الإسرائيلية مفادها أنه مصري ومقيم في دولة الصين ويبحث عن فرصة عمل ودون بها بياناته ورقم هاتفه.
وفى غضون شهر أغسطس على 2007 تلقى اتصالاً هاتفياً من المتهم الثالث جوزيف ديمور أحد عناصر المخابرات الإسرائيلية، حيث اتفقا على اللقاء بدولة الهند ومقابلته بمقر السفارة الإسرائيلية وتم استجوابه عن أسباب طلبه للعمل مع جهاز الموساد ثم تسليمه 1500 دولار مصاريف انتقالاته وإقامته.
أضافت التحقيقات أن المتهم الأول سافر فى مارس 2007 إلى تايلاند بدعوة من المتهم الثالث جوزيف ديمور، حيث تردد عدة مرات على مقر السفارة الإسرائيلية بها وقدمه المتهم الثالث إلى عنصر تابع للمخابرات الإسرائيلية يدعى "إيدي موشيه" "المتهم الثاني في القضية" والذي تولى تدريبه على أساليب جمع المعلومات بالطرق السرية، وكيفية إنشاء عناوين بريد إلكتروني على شبكة المعلومات الدولية، كما كلفه بالسفر إلى كل من دول كمبوديا ولاوس ونيبال لاستكمال التدريبات، وسلمه جهاز حاسب آلي محمولاً مجهزاً ببرنامج آلي مشفر يستخدم كأداة للتخابر والتراسل معه دون معرفة الخطوات الخاصة باستخدامه.
وأوضحت التحقيقات أن المتهم الأول تلقى تدريبات على كيفية تشغيل هذا البرنامج كما تسلم حقيبة يد للحاسب الآلي تحتوى على وسيلة إخفاء مستندات ونقود و"بلوك نوت" معالج كيميائياً وجهاز تليفوني محمول به شريحة تابعة لشركة في "هونج كونج".
أشارت التحقيقات إلى أن المتهم الثاني "إيدي موشيه" أمد المتهم الأول بمبلغ خمسة آلاف دولار أمريكي قيمة مصاريف إنشاء شركة استيراد وتصدير مقرها دولة الصين وكلفه بإنشاء عنوان بريد إلكتروني عبر شبكة المعلومات الدولية على موقع "هونج كونج" باسم حركي "خالد شريف" بصفته مديراً لتلك الشركة، سعياً للبحث عن أشخاص من داخل دولة سوريا تعمل في مجال تصدير زيت الزيتون والحلويات والتسويق العقاري لانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية.
وأكدت التحقيقات أن المتهم المصري في القضية طارق عبد الرازق سافر عدة مرات إلى دولة سوريا للوقوف على الإجراءات الأمنية في الشارع السوري، والتقى العديد من أصحاب تلك الشركات متخذاً اسم حركي "طاهر حسن"، وأعد تقارير بنتائج زياراته قدمها للمتهم الثاني "إيدي موشيه" في حضور أحد عناصر جهاز الموساد يدعى "أبو فادى" والذي تولى استجواب الجاسوس الإسرائيلي تفصيلياً عن الإجراءات الأمنية داخل مطار دمشق وكثافة التواجد الأمني في الشارع السوري.
وكشفت التحقيقات أن أبو فادى أحد أعضاء الموساد الإسرائيلي أبلغ الجاسوس خلال أحد اللقاءات بأن له صديقاً بسوريا يعمل بأحد الأماكن الهامة هناك، وبجانب ذلك أكدت التحقيقات أيضا أن الجاسوس سافر إلى سوريا عدة مرات والتقى عميل الموساد بها، وحصل منه على معلومات سرية تولى حفظها وشفرها من خلال جهاز الكمبيوتر المحمول، كما أعطى عميل الموساد بسوريا مبالغ مالية قدرها عشرون ألف دولار أمريكي، مقابل تلك المعلومات التي تحصل عليها منه.