doPoem(0) |
ليس الغريب غريب الشام واليمـن إن الغريب غريب اللحـد والكفـنِ |
إن الغريـب لـه حـق لغربـتـه على المقيمين في الأوطان والسكنِ |
لا تنهـرنّ غريبـاً حـال غربـتـه لدهـر ينهـره بالـذل والمـحـنِ |
سفري بعيـد وزادي لـن يبلغنّـي وقوتي ضعفـت والمـوت يطلبنـي |
ولي بقايا ذنـوب لسـت أعلمها الله يعلمهـا فـي السـر والعلـنِ |
ما احلم الله عنـي حيـث أمهلني وقد تماديت فـي ذنبـي ويسترنـي |
تمـر ساعـات أيامـي بـلا نـدمٍ ولا بكـاء ولا خــوف ولا حــزن |
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهـداً على المعاصي وعين الله تنظرنـي |
يا زلة كتبـت فـي غفلـة ذهبـت يا حسرة بقيت في القلب تحرقنـي |
دعني أنوح على نفسـي وأندبهـا وأقطع الدهـر بالتفكيـر والحـزن |
كأنني بيـن جل الأهـل منطـرحاً علـى الفـراش وأيديهم تقلبنـي |
كأنني وحولي مـن ينـوح ومـن يبكـي علـيّ وينعانـي ويندبنـي |
وقد أتوا بالطبيـب كـي يعالجنـي ولـم أر الطبيـب اليـوم ينفعنـي |
وأستخرج الروح مني في تغرغرها وصار ريقي مريراً حين غرغرنـي |
واشتد نزعي وصار الموت يجذبهـا من كل عرقٍ بلا رفـق ولا هـونِ |
وسل روحي وظل الجسم منطرحـاً بيـن الأهالـي وأيديهم تقلبنـي |
وغمضّوني وشدوا الحلق وانصرفوا بعد الآياس وجدّوا في شري الكفـنِ |
وسار من كان أحب الناس في عجلٍ نحـو المغسّـل يا تينـي يغسلنـي |
وأضجعوني على الألواح منطرحـاً وقام في الحال منهم من يغسّلنـي |
واسكب الماء من فوقي وغسّلنـي غسلاً ثلاثاً ونادى القـوم بالكفـنِ |
وألبسوني ثيابـاً لا كمـام لـهـا وصار زادي حنوطاً حيـن حنطنـي |
وأخرجوني من الدنيـا فـوأسفا علـى رحيـلٍ بـلا زادٍ يبلّغـنـي |
وحملوني علـى الأكتاف أربعـة من الرجال وخلفي مـن يشيعنـي |
وقدموني إلى المحراب وانصرفـوا خلف الإمام فصلـى ثـم ودّعنـي |
صلوا عليّ صـلاةً لاركـوع لهـا ولا سجـوداً لعـل الله يرحمـنـي |
وأنزلوني إلى قبـري علـى مهـلٍ وقدّمـوا واحـداً منهـم يلحدنـي |
وكشّف الثوب عن وجهي لينظرنـي وأسكب الدمع مـن عينـيّ قبلنـي |
وقال هلوّا عليه التراب واغتنموا أفضل الثواب وكل النـاس مرتهـن |
وهالني إذ رأت عينـاي إذ نظـرت من هول مطلّـع إذ كـان أغفلنـي |
من منكرٍ ونكيرٍ مـا أقـول لهـم قد هالني أمرهـم جـداً وأفزعني |
وأقعدونـي وجـدوا فـي سؤالهـم مالي سواك الهي مـن يخلصنـي |
فأمنن عليّ بعفوٍ منـك يـا أملـي امنن على تـارك الأولاد والوطـنِ |
تقاسم أهلي الميـراث وانصرفوا وصار وزري على ظهري يثقّلنـي |
واستبدلت زوجتي بعلاً لهـا بدلـي وحكّمتـه علـى الأموال والسكـنِ |
وصيّـرت ولدي عبـداً ليخـدمـه وصار مالي لهم حِـلاً بـلا ثمـنِ |
فـلا تغرنّـك الدنيـا وزينتها وانظر لأفعالها بالأهل والوطـنِ |
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الحنط والكفـنِ؟ |
يا نفس كفي عن العصيان واكتسبي فعـلاً جميـلاً لعـل الله يرحمنـي |
يا نفس ويحك توبي واعملي حسناً عسى تجازين بعد الموت بالحسـنِ |
ثم الصلاة علـى المختـار سيّدنـا ما وضأ البرق في شامٍ وفي يمـنِ |
والحمـد لله ممسينـا ومصبحنا بالخير والعفو والإحسان والمنـنِ |