الكابتن / يحيى يحيى طـــه Admin
المساهمات : 2600 تاريخ التسجيل : 24/04/2008
| موضوع: {أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها 2} الأحد مارس 21, 2010 9:12 am | |
| وما زال يصنع بي مثل ذلك كل يوم حتّى بلغنا المدينة ، فلمّا نظَر إلى قرية بِقُباء (قباء: قرية في ضواحي المدينة تبعد ميلين ، وفيها مسجد قباء أوّل مسجد أسّس على التقوى) لِبني عمرو بن عوف قال : زوجُكِ في هذه القرية ، فادخليها على بركة الله ، ثمَّ انصرف راجعاً إلى مكّة .اجتمع الشّمل الشّتيت بعد طول افتراق ، وقرَّت عين أمّ سلمة بزوجها ، وسعد أبو سلمة بصاحبته وولده … ثمّ طفقت الأحداث تمضي سِراعاً كلمحِ البصر .فهذه ((بدر)) يشهدها أبو سلمة ويعود منها مع المسلمين ، وقد انتصروا نصراً مؤزَّراً .وهذه ((أُحد)) يخوض غِمارها بعد (بدر) ويُبلي فيها أحسن البلاء وأكرمه ، لكنَّه يخرج منها وقد جُرِح جرحاً بليغاً ، فما زال يعالجه حتّى بدا له أنّه اندمل ، لكنَّ الجرح كان قد رُمَّ على فساد(أي: صلح في الظاهر وهو فاسد في الحقيقة) فما لبث أن انفتح وألزم أبا سلمة الفِراش .وفيما كان أبو سلمة يُعالَج من جرحه قال لِزوجه : يا أمّ سلمة ، سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( لا تصيب أحداً مُصيبة ، فيسترجع ـ أي يقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون ـ عند ذلك ويقول :اللّهمّ عِندك احتسبتُ مُصيبتي هذه …اللّهمّ أخلِفني خيراً منها …إلا أعطاه الله عزَّ وجلّ .) .ظلَّ أبو سلمة على فراش مرضه أيّاماً … وفي ذات صباح جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعُوده ، فلم يكد ينتهي من زيارته ويُجاوز باب داره ، حتّى فارق أبو سلمة الحياة .فأغمض النبي عليه الصلاة والسلام بيديه الشّريفتين عينَي صاحِبِهِ ، ورفع طَرْفَه إلى السماء وقال :(( اللّهمّ اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المُقرَّبين …واخلفه في عقِبِهِ في الغابرين … ـ اخلفه في عقبه: أي كُن عِوضاً عنه لأولاده وأهله ـواغفر لنا وله يا ربَّ العالمين …وأفسِح له في قبره ، ونوِّر له فيه )) . أمَّا أمّ سلمة فتذكّرت ما رواه لها أبو سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :اللّهمّ عِندك أحتسب مصيبتي هذه …لكنَّها لم تَطِب نفسها أن تقول :اللّهمّ أخلفني فيها خيراً منها ؛ لأنّها كانت تتساءل : ومَن عساه أن يكون خيراً من أبي سلمة ؟! .لكنّها ما لبِثت أن أتمَّت الدّعاء …حزِنَ المسلمون لمصاب أمّ سلمة كما لم يحزنوا لمُصاب أحد من قبل … وأطلقوا عليها أيِّمُ العرب (أيّم: المرأة التي فقدت زوجها) … إذ لم يكن لها في المدينة أحد من ذويها غير صِبية صِغار .شعرَ المهاجرون والأنصار معاً بِحقِّ أمّ سلمة عليهم ، فما كادت أن تنتهي من حِدادها على أبي سلمة حتّى تقدّم منها أبو بكر الصّدّيق يخطبها لنفسِه ؛ فأبت أن تستجيب لِطلبِه …ثمَّ تقدَّم منها عمر بن الخطّاب ؛ فردَّته كما ردَّت صاحِبه …ثمَّ تقدَّم منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له :يا رسول الله ، إنَّ فيَّ خِلالاً (أي: صفات) ثلاثاً :فأنا امرأة شديدة الغِيرة فأخاف أن ترى منِّي شيئاً يُغضِبك فيُعذِّبني الله به .وأنا امرأة قد دخلت في السِّنّ .وأنا امرأة ذات عِيال .فقال عليه الصلاة والسلام :(( أمَّ ما ذكرتِ من غِيرتِكِ فإنِّي أدعو الله عزَّ وجلّ أن يُذهِبها عنكِ ))وأمَّا ما ذكرتِ من السّنّ فقد أصابني مثل الذي أصابَكِ …وأمَّا ما ذكرتِ من العِيال ، فإنّما عِيالُكِ عِيالي )) .ثمَّ تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمّ سلمة ؛ فاستجاب الله دعاءَها ، وأخلفها خيراً من أبي سلمة .ومنذُ ذلك اليوم لم تبقَ هِندُ المخزوميَّة أُمَّاً لِسلمة وحده ؛ وإنّما غدت أمّاً لِجميع المُؤمنين .نضَّرَ الله وجهَ أمّ سلمة في الجنَّة ورضِيَ عنها وأرضاها . | |
|