بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين.
فإن القرآن الكريم هــو المعجزة الكبرى للنبي صلى الله عليه وسلم وبه وقع التحدي للإنس والجن، وأعلن ذلك القرآن مرات عديدة وطالب العرب بالإستعانة بمن شاؤوا من علماء وفصحاء فقال تعالى: ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتو بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )
ظل التحدي قائماً في عصر الرسالة التي دامت ثلاثاُ وعشرين سنة وجعله الله حجة لصدق الرسالة، فأوقع ذلك العرب في ذهول وجعلتهم حيارى وحارت عقولهم أمام الظاهرة القرآنية.
وقد يتوهم البعض أن التحدي القرآني كان للعرب فقط وهـذا وهم كبير فإن التحدي موجه إلى العالمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
القرآن كلام الله المعجز للخلق في أسلوبه ونظمه، وفي علومه وحكمه وفي تأثير هدايته، وفي كشفه الحجب عن الغيوب الماضية والمستقبلة، وفي كل باب من هذه الأبواب للإعجاز فصول وفي كل فصل منها فروع ترجع إلى أصول، وقد تحدى محمد رسول الله النبي العربي الأمي العرب بإعجازه، وحكى لهم عن ربه القطع بعجزهم عن الإتيان بصورة من مثله، فظهر عجزهم على شدة حرص بلغاءهم على إبطال دعوته، واجتثاث نبتته، ونقل جميع المسلمين هذا التحدي إلى جميع الأمم فظهر عجزها أيضاً، وقد نقل بعض أهل التصانيف عن بعض الموصوفين بالبلاغة في القول أنهم تصدوا لمعارضة القرآن في بلاغته ومحاكاته في فصاحته دون هدايته، ولكنهم على ضعف رواية الناقلين عنهم لم يأتو بشئ تقر به أعين الملا حدة والزنادقة فيحفظوه عنهم، ويحتجوا به لإلحادهم وزندقتهم.